قبل أيام صادفني منشور على إحدى المنصات لفتاة تتحدث عن مدى صعوبة فترة البحث عن عمل ووجدت في كلماتها شيء مني في تلك الفترة التي قضيتها في البحث عن عمل، وهذا ما دفعني لكتابة هذه التدوينة والتي أسرد فيها تجربتي في التعرف على مجال كتابة المحتوى وعن تلك البدايات والمحاولات
أول خطوة نحو عالم الكتابة..
في طفولتنا كنا نمارس بعض الهوايات بطريقة تلقائية وفطرية تمامًا دون أن يُطلب منا ممارستها ولا لأي سبب آخر، ربما لأننا نحتاج إلى مساحة تتسع لكل ما نريد قوله دون قيد أو فرض وبالطريقة التي نحب، بالنسبة لي الكتابة هي تلك الهواية التي كنت أعدها بمثابة صديق الطفولة الذي نشاركه ما نريد بدءا من أفكارنا وأحلامنا إلى تفاصيل يومنا المملة
هكذا كانت علاقتي بالكتابة حتى انتقلت إلى المرحلة المتوسطة ومن ثم الثانوية ومع ضغط الواجبات المدرسية وكثرة المواد أهملت هواية الكتابة اليومية حيث أصبحت علاقتي بها لا تتجاوز الدراسة ومتطلباتها إلى أن وصلت للمرحلة الجامعية حيث بدأت مهمة تحديد التخصص الجامعي وبسبب علاماتي المرتفعة في المواد العلمية قررت اختيار تخصص علمي ووقع الاختيار على «الكيمياء التطبيقية» وبين كر وفر تخرجت عام ٢٠١٥...
ماذا بعد التخرج؟
٧ سنوات من البحث عن عمل حيث الكثير من اللاشيء يزداد حجمه سنة تلو الأخرى وهذه الفترة من الحياة أفضل من وصفها الأديب غازي القصيبي رحمه الله: «العمل لا يقتل مهما كان شاقاً و قاسياً، لكن الفراغ يقتل حتى أنبل ما في الإنسان»
وبالفعل كان الفراغ لا يطاق لذا أمضيت هذه الفترة بمحاولات كثيرة لملء وقتي بتعلّم مهارات إلى قراءة العديد من الكتب بالإضافة إلى الروتين اليومي لكل خريج وهي المقابلات الوظيفية حيث في كل أسبوع مقابلات عمل جديدة وما أن تختم المقابلة بالجملة الشهيرة «راح نتواصل معك إن شاء الله» هنا تعلم أنك عدت لنقطة البداية ويجب عليك أن تعيد المحاولة مجددًا وهكذا مرت بعض من سنوات ما بعد التخرج إلى..
عام 2019..
أثناء ما كنت أبحث في اليوتيوب عن بودكاست ما، ظهر أمامي في الصفحة الرئيسية فيديو لفتاة تحكي عن تجربتها في كتابة المحتوى وكما تعلم أيها القارئ أننا نحن النساء نحب أن نسرد تفاصيل مشاعرنا تجاه التجارب التي نمر بها وهكذا تحدثت صاحبة المقطع حيث ذكرت تلك الأفكار التي تمر بها وتدفعها للكتابة وكذلك تحدثت عن المهارات التي تمتلكها مما دفعها لتقرر دخول مجال كتابة المحتوى حينها أدركت تعدد مجالات الكتابة خارج إطار ما اعتدنا عليه من تأليف الكتب وما شابه
الجدير بالذكر أن من خلال هذا الفيديو تعرفت على «كتابة المحتوى» وآنذاك حاولت البحث في عدة منصات للقراءة والاطلاع أكثر على المجال لكن كل ما ظهر لي هو بعض الحسابات التي تخبرك بأن عليك الاشتراك بدوراتهم لكن لا يقدمون لك أي محتوى مجاني يفيدك!، الجميل في الأمر أنني قررت في تلك السنة العودة لهواية الطفولة والاهتمام بها أكثر لذا أصبحت أكتب كل أسبوع عدة نصوص عن كل ما يصادفني في يومي من أحداث وأشخاص وما يرافقها من أفكار ومشاعر، إلى ..
عام 2021
وللمرة الثانية الصدفة تكون بمثابة البوصلة التي توجهني إلى «كتابة المحتوى» حيث كنت أتصفح الانستقرام سريعًا ورأيت «ستوري» لحساب «يويتوبر» عربية تعلن فيه عن حاجتها لكُتّاب متطوعين لكتابة سلسلة جديدة ستعرض على قناتها في اليوتيوب، وطلبت ممن يرغب بالتطوع أن يرسل نماذج من كتاباته على بريدها الإلكتروني، ولأول مرة أقرر فعل شيء دون تفكير مطول لذا انتقيت بعض النصوص التي كتبتها وأرسلتها على البريد المذكور، وفي اليوم التالي وصلني هذا الرد:
وبالفعل أصبحت ضمن فريق الكتابة والذي يضم مجموعة كُتّاب من جنسيات عربية متعددة وأرسلت لنا المسؤولة عن المجموعة ملف يتضمن عدة مواضيع حيث كل شخص يجب عليه أن يختار موضوع معين ويبدأ بكتابة سيناريو عنه، أذكر أنني في تلك الفترة قرأت كثيرًا عن كيفية كتابة السيناريو وتعلمت بعض الأساسيات المتعلقة بهذا النوع من الكتابة
كانت التجربة جديدة عليّ كليًا، ولم أكن متأكدة بعد من مدى صحة ما أكتبه وما إذ كان جيدًا أو كارثي لكن قررت أن أكتب ويقع قرار قبول النص أو رفضه على صاحبة القناة وفريقها، لذا بعدما انتهيت من الكتابة وتحرير النص ومراجعته أرسلته لهم برفقة الكثير من مشاعر التردد والخجل وبعض من الخوف من الفشل، وعلى عكس ما توقعت وصلني هذا الرد منهم:
واستمر العمل لعدة أسابيع لكن المؤسف أن هذا العمل لم يُنشر، لأن صاحبة القناة تعرضت لظروف صحية منعتها من التصوير، وكانت إحدى مكاسب هذه التجربة أنني بدأت الخطوة الأولى في كتابة المحتوى وتعلمت الكثير من الدروس وهنا تكمن أهمية التجارب بغض النظر عن نجاحها أو فشلها حتمًا ستخرج بدروس تفيدك وتكسبك بعض المهارات
وفي نهاية 2021 قررت إنشاء حساب على منصة X "تويتر" بالرغم أنني لم أكن أعلم بعد بوجود كُتّاب محتوى على هذه المنصة لكن هذا القرار كان بهدف استخدام مهارة الكتابة والتحسين منها بالممارسة والنشر وخلال تلك لفترة كنت قد خصصت جزء من اليوم للقراءة والاطلاع والتعلّم الذاتي لصقل مهارة كتابة المحتوى، وبعد ثلاثة أشهر من إنشاء الحساب والاستمرار بالنشر حصلت على عميلي الأول ومن ثم الثاني والثالث…إلخ
ختامًا الهدف من هذه التدوينة هو أن أشاركك تجربة حقيقية مررت بها وسلكت خلالها العديد من الطرق، وذكرت هنا فقط ما يتعلق بمجال كتابة المحتوى لكن مما يجب عليّ ذكره هو أنني خضت تجارب عدة انتهت بالفشل حتى وصلت للمكان المناسب لي، ومما تعلمته أن الفرص قد لا تكون أمامنا بل بين أيدينا وبالقرب منا.
1 تعليق
جميل المقال استمتعت بقراءته متسلسل مترابط ويعطي الامل لكل باحث عن ذاته
تم إغلاق التعليقات