بينما أجلس أمام شاشة الحاسوب غارقة في اللاشيء لأنني لا أجيد العمل بالاكتفاء بالقراءة من الحاسوب في كل مرة أشعر بحاجة مُلِّحة تدفعني أن أكتب كل ما هو مهم في الملف الذي أمامي ليتسنى لي بدء رحلة العصف الذهني للحصول على أفكار ومن ثم الكتابة وكنت قد بدأت أضجر من هذا العناء الذي أتكبده في كل مرة ولا أستطيع التخلص منه وفي تلك اللحظة بالضبط كلفني يونس عمارة أن أكتب مقالًا "عن سر اعتماد جيف بيزوس على الكتابة بدلًا من العروض التقديمية "-كانت ردة فعلي أوووه أنا وبيزوس نتفق! وتذكرت أننا نختلف فيما نملك من مال لكن لا بأس😢- لذلك في هذا المقال سأخبرك عن السبب خلف تفضيل بيزوس للمذكرة المكتوبة على العروض التقديمية.
في التاسع من يونيو من عام ٢٠٠٤ وبالتحديد في الساعة الـ ٦:٠٢ مساءً اتخذ جيف بيزوس مؤسس شركة أمازون قرارا ومن ثم أرسل رسالة بريد إلكتروني إلى فريقه بعنوان "لا للعروض التقديمية من الآن فصاعدًا!" معلنا بذلك إلغاءه للعروض التقديميه في الاجتماعات واعتماده على المذكرة المكتوبة من ست صفحات!
يفرض الهيكل السردي الجيد للمذكرة المكتوبة يفرض تفكيرًا أفضل وفهمًا أفضل لما هو أكثر أهمية من" ماذا ، وكيف ترتبط الأشياء"، بينما العروض التقديمية على نمط "باور بوينت" تمنح على نحو أو آخر الإذن بتلميع الأفكار وتبديد أي شعور بالأهمية النسبية، وتتجاهل الترابط الداخلي للأفكار.
وهنا ما يقصده بيزوس أن المذكرة المكتوبة بشكل سردي منظم توفر للجميع فهم الأفكار والقدرة على الإلمام بالموضوع بأكبر قدر ممكن وهذا ما يعين على ابتكار الحلول والأفكار وهذا على عكس ما يحدث في العروض التقديمية بينما تحتفظ الفكرة بكامل رونقها دون التعمق فبها والدخول إلى دهاليزها للوصول إلى لب الفكرة.
ومما دفع بيزوس لاتخاذ قرار إلغاء العروض التقديمية والاعتماد على المذكرة المكتوبة من ست صفحات هو السعي لحل مشكلة أن الفريق ينتهي من اجتماعات مدتها 60 دقيقة دون اتخاذ أي قرارات!
تكتب المذكرات العظيمة ثم تعاد كتابتها، ومشاركتها مع الزملاء المسؤولين عن العمل، ووضعها جانبًا لبضعة أيام، ثم تحريرها مرة أخرى بعقلية جديدة
جيف بيزوس
6 مزايا جعلت المذكرة المكتوبة تتفوق على العروض التقديمية:
- زيادة المعلومات:
يمكن للقراءة أن تحدث بشكل أسرع من الحديث مما يعني أن قراءة مذكرة قبل بدء الاجتماع يساهم في زيادة نقل المعلومات أكثر بكثير منها لو كان الاعتماد على التحدث كما يحدث في العروض التقديمية.
- الفكرة هي الأهم:
في العروض التقديمية أداء المقدِّم يؤثر كثيرًا في إبراز الفكرة! أي ربما شخص متمكن من مهارات التقديم والعرض يقنع الحضور بفكرة سيئة وعلى العكس من ذلك قد لا يستطيع شخص لا يجيد هذه المهارات من إقناع الحضور بفكرته الرائعة!
- الوصول لتحليل أفضل:
هيكل العرض التقديمي المتسلسل غير مناسب لحل المشاكل المعقدة: لأنها تتناول المواضيع بشكل موجز للغاية بينما في المذكرات القائمة على السرد تكون مناسبة أكثر لما توفره من صورة شاملة حول الموضوع أو المشكلة المراد حلها.
- مناقشة عالية الجودة:
عندما يمضي كل مشارك في الاجتماع أول ثلث ساعة في قراءة المذكرة -من اجتماع مدته ٦٠ دقيقة- هذا يساهم في فهم الموضوع والأفكاربشكل أفضل بحيث تتيح للجميع الحصول على فكرة شاملة عن الموضوع مما يجعل الـ ٤٠ دقيقة المتبقية من الاجتماع مناقشة عالية الجودة.
- قاعدة معرفية مشتركة:
القراءة المركزة للمستند توفر قاعدة معرفية مشتركة لبدء المناقشات، وعلاوة على ذلك تساعد الموظف الجديد "للوصول إلى مستوى جيد" بسرعة من خلال قراءة المذكرات السابقة.
- اتخاذ القرارات يحتاج إلى سرد:
"الإكسل" و "الباوربوينت" جيدان في توصيل البيانات لكن على المستوى التنفيذي عندما تحتاج لاتخاذ قرار وتقود مجموعة هذا يتطلب منك التمكن من السرد (كتابة مذكرة) لإقناع أصحاب الشأن.
لم تكتفي امازون بالمذكرة مكتوبة بشكل سردي منظم بل حرصت على اتباع قواعد معينة أثناء الكتابة ومنها:
- لا تتجاوز ثلاثين كلمة عند كتابة أي جملة.
- استخدم البيانات بدل الأوصاف.
- ابتعد عن الكلمات الضبابية.
- تأكد أن النص الذي كتبت يجيب على سؤال "ما أهمية ذلك؟"
ختاماً ربما تكون المذكرة المكتوبة تحتاج إلى بذل وقت وجهد كبيرين لكن نتيجتها تعوض ذلك بحل بعض الإشكاليات التي قد تواجه فريق العمل لتوفر قاعدة معرفية مشتركة بين الجميع ليتمكن كل فرد من المشاركة الفعالة في الاجتماع والتي تسهم في زيادة إيجاد الحلول وابتكار الأفكار.